سورة الطور - تفسير تفسير أبي السعود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطور)


        


{أَمْ عِندَهُمُ الغيب} ي اللوحُ المحفوظُ المُثبَتُ فيه الغيوبُ {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ما فيه حتَّى يتكلمُوا في ذلكَ بنفىٍ أو إثباتٍ {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً} هو كيدُهم برسولِ الله صلى الله عليه وسلم في دارِ الندوةِ {فالذين كَفَرُواْ} هم المذكورونَ، ووضعُ الموصولِ موضعَ ضميرِهم للتسجيلِ عليهم بما في حيزِ الصلةِ من الكفرِ وتعليلِ الحكمِ به، أو جميعُ الكفرةِ وهم داخلونَ فيهم دخولاً أولياً {هُمُ المكيدون} أي هُم الذينَ يحيقُ بهم كيدُهم أو يعودُ عليهم وبالُه لا مَنْ أرادُوا أنْ يكيدُوه وهو ما أصابَهُم يومَ بدرٍ أو هُم المغلوبونَ في الكيدِ من كايدتُه فكِدتُه {أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله} يعينُهم ويحرسُهم من عذابِه {سبحان الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} أيْ عن إشراكِهم أو عن شركِة ما يُشركونَهُ {وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً} قطعةً {مّنَ السماء ساقطا} لتعذيبِهم {يَقُولُواْ} من فرطِ طغيانِهم وعنادِهم {سحاب مَّرْكُومٌ} أي هُم في الطغيانِ بحيثُ لو أسقطناهُ عليهم حسبَما قالُوا: {أَوْ تُسْقِطَ السماء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} لقالُوا هذا سحابٌ تراكمَ بعضُه على بعضٍ يُمطرنا ولم يُصدِّقُوا أنه كِسَفٌ ساقطٌ للعذابِ {فَذَرْهُمْ حتى يلاقوا} وقرئ: {حتى يلقَوا} {يَوْمَهُمُ الذى فِيهِ يُصْعَقُونَ} على البناءِ للمفعول من صعقتْهُ الصَّاعقةُ أو من أصعقتْهُ. وقرئ: {يَصعقُون} بفتحِ الياءِ والعينِ وهو يومُ يصيبُهم الصعقةُ بالقتلِ يومَ بدرٍ لا النفخةُ الأولى كما قيلَ: إذْ لا يُصعقُ بَها إلا مَنْ كانَ حياً حينئذٍ ولأنَّ قوله تعالى: {يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} أيْ شيئاً من الإغناءِ بدلٌ من يومَهم ولا يَخفْى أنَّ التعرضَ لبيانِ عدمِ نفعِ كيدِهم يستدعِي استعمالَهم له طمعاً في الانتفاعِ به وليسَ ذلكَ إلا ما دبرُوه في أمرِه صلى الله عليه وسلم من الكيدِ الذي من جُملتِه مناصَبتُهم يومَ بدرٍ، وأما النفخةُ الأولى فليستْ ممَّا يجري في مدافعتِه الكيدُ والحيلُ وقيل: هو يومُ موتِهم وفيهِ ما فيهِ مع ما تأباهُ الإضافةُ المنبئةُ عن اختصاصِه بهم {وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} من جهةِ الغيرِ في دفعِ العذابِ عنُهم {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} أي لهُم ووضعُ الموصولِ موضعَ الضميرِ لما ذُكرَ من قبلُ أي وإنَّ لهؤلاءِ الظلمةِ {عَذَاباً} آخرَ {دُونِ ذَلِكَ} دُونَ ما لاقوه من القتلِ أي قبلَهُ وهو القحطُ الذي أصابَهُم سبعُ سنينَ أو وراءَهُ كما في قولِه:
تُريكَ القَذَى منْ دُونِها وهو دونها ***
وهو عذابُ القبرِ وما بعَدُه من فنونِ عذابِ الآخرةِ. وقرئ: {دونَ ذلكَ قربياً} {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أنَّ الأمرَ كَما ذكرنَا، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ فيهم مَنْ يعلمُ ذلكَ وإنما يصرُّ على الكُفرِ عناداً أو لا يعلمونَ شيئاً أصلاً.


{واصبر لِحُكْمِ رَبّكَ} بإمهالِهم إلى يومِهم الموعودِ وإبقائِك فيمَا بينَهم معَ مقاساةِ الأحزانِ ومعاناةِ الهمومِ. {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أي في حفظنِا وحمايتِنا بحيثُ نراقبُكَ ونكلؤكَ، وجمعُ العينِ لجمعِ الضميرِ والإيذانِ بغايةِ الاعتناءِ بالحفظِ {وَسَبّحْ} أيْ نزِّهه تعالَى عمَّا لا يليقُ به ملتبساً {بِحَمْدِ رَبّكَ} على نعمائِه الفائتةِ للحصرِ {حِينَ تَقُومُ} من أي مكانٍ قُمتَ. قال سعيدُ بنُ جُبيَرٍ وعطاءٌ أيْ قُلْ حينَ تقومُ من مجلسِكَ (سبحانَكَ اللَّهم وبحمدِك)، وقالَ ابنُ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُمَا: معناهُ صلِّ لله حينَ تقومُ من منامِك، وقالَ الضحَّاكُ والربيعُ: «إذَا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فقُلْ سُبحانَكَ اللَّهم وبحمدِك وتباركَ اسمُك وتعالَى جدُّك ولا إلَه غيرُكَ» وقوله تعالى: {وَمِنَ اليل فَسَبّحْهُ} إفرادٌ لبعضِ الليلِ بالتسبيحِ لما أنَّ العبادةَ فيه أشقُّ على النفسِ وأبعدُ عن الرياءِ كما يلوحُ به تقديمُه على الفعلِ {وإدبار النجوم} أي وقتَ إدبارِها من آخرِ الليلِ أي غيبتِها بضوءِ الصباح، وقيل: التسبيحُ من الليلِ صلاةُ العشاءينِ وإدبارُ النجومِ صلاةُ الفجرِ وقرئ: {أَدبارَ النجومِ} بالفتحِ أي في أعقابها إذا غربتْ أو خفيتْ.
عنِ النبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «مَنْ قرأَ سورةَ والطورِ كان حقَّا على الله تعالَى أنْ يُؤمِّنهُ من عذابِه وأنْ يُنعّمهُ في جنتِه».

1 | 2 | 3